الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)
واستخلف أبو موسى الأشعري الربيع بن زياد على مناذر وسار إلى السوس، ففتح الربيع مناذر عنوة، فقتل المقاتلة وسبى الذرية وصارت مناذر الكبرى والصغرى في أيدي المسلمين، فولاهما أبو موسى عاصم بن قيس بن الصلت السلمي.وولى سوق الأهواز سمرة بن جندب الفزاري حليف الأنصار.وقال قوم: إن عمر كتب إلى أبي موسى وهو محاصر مناذر يأمره أن يخلف عليها ويسير إلى السوس، فخلف الربيع بن زياد.939- حدثني سعدويه قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صفرة قال: حاصرنا مناذر فأصبنا سبيا فكتب عمر: إن مناذر كقرية من قرى السواد فردوا عليهم ما أصبتم.940- قالوا: وسار أبو موسى إلى السوس فقاتل أهلها، ثم حاصرهم حتى نفد ما عندهم من الطعام، فضرعوا إلى الأمان.وسأل مرزبانهم أن يؤمن ثمانون منهم على أن يفتح باب المدينة ويسلمها.فسمى الثمانين، وأخرج نفسه منهم.فأمر به أبو موسى فضربت عنقه، ولم يعرض للثمانين، وقتل من سواهم من المقاتلة، وأخذ الأموال وسبى الذرية.ورأى أبو موسى في قلعتهم بيتا وعليه ستر، فسأل عنه فقيل: إن فيه جثة دانيال النبي، عليه السلام، وعلى أنبياء الله ورسله، فإنهم كانوا أقحطوا فسألوا أهل بابل دفعه إليهم ليستسقوا به ففعلوا.وكان بختنصر سبى دانيال وأتى به بابل، فقبض بها.فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر.فكتب إليه عمر: أن كفنه وادفنه.فسكر أبو موسى نهرا حتى إذا انقطع دفنه ثم أجرى الماء عليه.941- حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن حميد الطويل، عن حبيب، عن خالد بن زيد المزني، وكانت عينه أصيبت بالسوس قال: حاصرنا مدينتها وأميرنا أبو موسى، فلقينا جهدا.ثم صالحه دهقانها على أن يفتح له المدينة ويؤمن له مائة من أهله، ففعل وأخذ عهد أبى موسى.فقال له: اعزلهم.فجعل يعزلهم، وأبو موسى يقول لأصحابه: إني لأرجو أن يغلبه الله على نفسه.فعزل المائة وبقى عدو الله. فأمر به أبو موسى أن يقتل.فنادى: رويدك أعطيك مالا كثيرا! فأبى وضرب عنقه:942- قالوا: وهادن أبو موسى أهل رامهرمز، ثم انقضت هدنتهم فوجه إليهم أبا مريم الحنفي فصالحهم على ثمانمائة ألف درهم.942- حدثني روح بن عبد المؤمن قال: حدثني يعقوب، عن أبي عاصم الرامهرمزى، وكان قد بلغ المائة أو قاربها قال: صالح أبو موسى أهل رامهرمز على ثمانمائة ألف أو تسعمائة ألف.ثم إنهم غدروا، ففتحت بعد عنوة، فتحها أبو موسى في آخر أيامه.943- قالوا: وفتح أبو موسى سرق على مثل صلح رامهرمز.ثم إنهم غدروا، فوجه إليها حارثة بن بدر الغدانى في جيش كثيف فلم يفتحها.فلما قدم عبد الله بن عامر فتحها عنوة.وقد كان حارثة ولى سرق بعد ذلك.وفيه يقول أبو الأسود الدؤلي. فلما بلغ الشعر حارثة قال: 944- قالوا: وسار أبو موسى إلى تستر وبها شوكة العدو وحدهم.فكتب إلى عمر يستمده.فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة.فقدم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر، وعلى ميمنته- يعني ميمنة أبي موسى- البراء بن مالك، أخو أنس بن مالك، وعلى ميسرته مجزأة بن ثور السدوسي، وعلى الخيل أنس بن مالك، وعلى ميمنة عمار البراء بن عازب الأنصاري، وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي، وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري، وعلى رجالته النعمان بن مقرن المزني فقاتلهم أهل تستر قتالا شديدا.وحمل أهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر.فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد رحمه الله، ودخل الهرمزان وأصحابه المدينة بشر حال، وقد قتل منهم في المعركة تسعمائة ضربت أعناقهم بعد.وكان الهرمزان من أهل مهر جانقذف، وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم.ثم إن رجلا من الأعاجم استأمن إلى المسلمين على أن يدلهم على عورة المشركين.فأسلم، واشترط أن يفرض لولده ويفرض له.فعاقده أبو موسى على ذلك، ووجه معه رجلا من شيبان يقال له أشرس بن عوف فخاض به دجيل على عرق من حجارة، ثم علا به المدينة وأراه الهرمزان، ثم رده إلى العسكر.فندب أبو موسى أربعين رجلا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل، وذلك في الليل، والمستأمن يقدمهم.فأدخلهم المدينة فقتلوا الحرس، وكبروا على سور المدينة.فلما سمع الهرمزان هرب إلى قلعته، وكانت موضع خزانته وأمواله.وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة فاحتوى عليها.وقال الهرمزان: ما دل العرب على عورتنا إلا بعض من معنا ممن رأى إقبال أمرهم وإدبار أمرنا.وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفا من أن يظفر بهم العرب.وطلب الهرمزان الأمان وأبى أبو موسى أن يعطيه ذلك، إلا على حكم عمر.فنزل على ذلك.وقتل أبو موسى من كان في القلعة ممن لا أمان له، وحمل الهرمزان إلى عمر فاستحياه، وفرض له.ثم إنه اتهم بممالاة أبى لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة على قتل عمر رضي الله عنه، فقال عبيد الله بن عمر: امض بنا ننظر إلى فرس لي.فمضى وعبيد الله خلفه، فضربه بالسيف وهو غافل فقتله.945- حدثنا أبو عبيدة قال: ثنا مروان بن معاوية، عن حميد، عن أنس قال: حاصرنا تستر، فنزل الهرمزان فكنت الذي أتيت به إلى عمر، بعث بي أبو موسى.فقال له عمر: تكلم.فقال: أكلام حي أم كلام ميت؟ فقال: تكلم لا بأس.فقال الهرمزان: كنا معشر العجم ما خلى الله بيننا وبينكم نقصيكم ونقتلكم.فلما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان.فقال عمر: ما تقول يا أنس؟ قلت: تركت خلفي شوكة شديدة وعدوا كلبا.فإن قتلته يئس القوم من الحياة فكان أشد لشوكتهم، وإن استحييته طمع القوم في الحياة.فقال عمر: يا أنس! سبحان الله.قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور السدوسي.قلت: فليس لك إلى قتله سبيل.قال: ولم؟ أعطاءك أصبت منه؟ قلت: لا، ولكنك قلت له: لا بأس.فقال: متى؟ لتجيئن معك بمن شهد، وإلا بدأت بعقوبتك.قال: فخرجت من عنده فإذا الزبير بن العوام قد حفظ الذي حفظت. فشهد لي. فخلى سبيل الهرمزان. فأسلم وفرض له عمر.946- وحدثني إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن عطاء الخرساني قال: كفيتك أن تستر كانت صلحا فكفرت.فسار إليها المهاجرون فقتلوا المقاتلة وسبوا الذراري، فلم يزالو في أيدي سادتهم حتى كتب عمر: خلوا ما في أيديكم.قال: وسار أبو موسى إلى جند يسابور وأهلها منخوبون، فطلبوا الأمان، فصالحهم على أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه، ولا يعرض لأموالهم، سوى السلاح.ثم إن طائفة من أهلها توجهوا إلى الكلبانية، فوجه إليهم أبو موسى الربيع بن زياد فقتلهم، وفتح الكلبانية.واستأمنت الأساورة فآمنهم أبو موسى فأسلموا.ويقال إنهم استأمنوا قبل ذلك، فلحقوا بأبي موسى وشهدوا تستر. والله أعلم.947- وحدثني عمر بن حفص العمرى، عن أبي حذيفة، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء قال: فتح الربيع بن زياد الثيبان من قبل أبي موسى عنوة.ثم غدروا ففتحها منجوف بن ثور السدوسي.قال: وكان مما فتح عبد الله بن عامر سنبيل والزط.وكان أهلهما قد كفروا.فاجتمع إليهم أكراد من هذه الأكراد.وفتح أيذج بعد قتال شديد.وفتح أبو موسى السوس وتستر ودورق عنوة.وقال المدائني: فتح ثابت بن ذي الحرة الحميرى قلعة ذي الرناق.948- حدثني المدائني، عن أشياخه، وعمر بن شبة، عن مجالد بن يحيى أن مصعب بن الزبير ولى مطرف بن سيدان الباهلي أحد بنى جئآوة شرطته في بعض أيام ولايته العراق لأخيه عبد الله بن الزبير.فأتى مطرف بالنابي بن زياد بن ظبيان، أحد بني عائش بن مالك بن تيم الله ابن ثعلبة بن عكابة، وبرجل من بني نمير قطعا الطريق، فقتل النابي وضرب النميري بالسياط وتركه.فلما عزل مطرف عن الشرطة وولى الأهواز جمع عبيد الله بن زياد بن ظبيان له جمعا وخرج يريده.فالتقيا، فتواقفا وبينهما نهر، فعبر مطرف بن سيدان، فعاجله ابن ظبيان فطعنه فقتله.فبعث مصعب مكرم بن مطرف في طلبه.فسار حتى صار إلى الموضع الذي يعرف اليوم بعسكر مكرم، فلم يلق ابن ظبيان.ولحق ابن ظبيان بعبد الملك بن مروان، وقاتل معه مصعبا، فقتله واحتز رأسه.ونسب عسكر مكرم إلى مكرم بن مطرف هذا.قال البعيث السكري: ويقال أيضا إن عسكر مكرم إنما نسب إلى مكرم بن الفزر أحد بنى جعونة بن الحارث بن نمير.وكان الحجاج وجهه لمحاربة خرزاد بن باس حين عصى ولحق بأيذج وتحصن في قلعة تعرف به.فلما طال عليه الحصار نزل مستخفيا متنكرا ليلحق بعبد الملك.فظفر به مكرم ومعه درتان في قلنسوته، فأخذه وبعث به إلى الحجاج فضرب عنقه.949- وذكروا أنه كانت عند عسكر مكرم قرية قديمة وصل بها البناء بعد، ثم لم يزل يزاد فيه حتى كثر.فسمى ذلك أجمع عسكر مكرم وهو اليوم مصر جامع.950- وحدثني أبو مسعود، عن عوانة قال: ولى عبد الله بن الزبير البصرة حمزة بن عبد الله بن الزبير.فخرج إلى الأهواز، فلما رأى جبلها قال: كأنه قعيقعان.951- وقال الثوري: الأهواز سمى بالفارسية هوز مسير.وإنما سميت الأخواز فغيرها الناس فقالوا: الأهواز.وأنشد لاعرابي: وقال: نهر البط نهر كانت عنده مراع للبط، فقالت العامة.نهر بط، كما قالوا: دار بطيخ.وسمعت من يقول: إن النهر كان لامرأة تسمى البطئة، فنسب إليها ثم حذف.952- حدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن محمد بن عبد الله، عن الزهري قال: افتتح عمر السواد والأهواز عنوة.فسئل عمر قسمة ذلك.فقال: فما لمن جاء من المسلمين بعدنا؟ فأقرهم على منزلة أهل الذمة.953- وحدثني المدائني، عن علي بن حماد وسحيم بن حفص وغيرهما قالوا: قال أبو المختار يزيد بن قيس بن يزيد بن الصعق كلمة رفع فيها على عمال الأهواز وغيرهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فقاسم عمر هؤلاء الذين ذكرهم أبو المختار شطر أموالهم، حتى أخذ نعلا وترك نعلا.وكان فيهم أبو بكرة فقال: إني لم أل لك شيئا.فقال له: أخوك على بيت المال وعشور الأبلة وهو يعطيك المال تتجر به.فأخذ منه عشرة آلاف.ويقال: قاسمه شطر ماله.وقال: الحجاج الذي ذكره الحجاج بن عتيك الثقفي، وكان على الفرات.وجزء بن معاوية عم الأحنف كان على سرق.وبشر بن المحتفز كان على جند يسابور.والنافعان نفيع أبو بكرة ونافع بن الحارث بن كلدة أخوه.وابن غلاب خالد بن الحارث من بنى دهمان كان على بيت المال بإصبهان.وعاصم بن قيس بن الصلت السلمي كان على مناذر.والذي في السوق سمرة بن جندب على سوق الأهواز.والنعمان بن عدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان أحد بني عدي بن كعب بن لؤي، كان على كور دجلة.وهو الذي يقول: فلما بلغ عمر شعره قال: أي والله إنه ليسوءني ذلك.وعزله.وصهر بنى غزوان مجاشع بن مسعود السلمي.كانت عنده بنت عتبة بن غزوان وكان على أرض البصرة وصدقاتها.وشبل بن معبد البجلي ثم الأحمسي كان على قبض المغانم.وابن محرش أبو مريم الحنفي كان على رام هرمز.قال عوسجة بن زياد الكاتب: أقطع الرشيد أمير المؤمنين عبيد الله بن المهدي مزارعة أرض الأهواز.فدخل فيها شبهة، فرفع في ذلك قوم إلى المأمون فأمر بالنظر فيها والوقوف عليها، فما لم تكن فيه شبهة أنفذ، وما شك فيه سمى المشكوك فيه. وذلك معروف بالأهواز.
|